١٧/١٠/٢٠٢٢
يبلغ عدد سكان إفريقيا 1.4 مليار نسمة وهي قارة غنية بالثقافة والموسيقى والرقص ورواية القصص. و تكون أكثر تميزا تلك التي يرويها صناع الأفلام الذين ينتمون لقارتهم السمراء.
مع ازدياد عدد الأفلام الرائدة ذات أصول إفريقية ، أضحت فكرة صناعة "سينما أفريقية" متجانسة تتلاشى تدريجياً. ففي السنوات الأخيرة ، انتشرت مهرجانات الأفلام الأفريقية المتنوعة التي تحتفي بالمواهب الأفريقية ، سواء في القارة أو في الخارج. وقد دفع هذا صناع الأفلام والمخرجين والممثلين الأفارقة إلى أسواق جديدة وإلى خلق فرصًا للتعاون مع أسواق الأفلام القوية مثل هوليوود.
ركز هؤلاء الشركاء بشكل أساسي على الأسواق الناطقة باللغة الإنجليزية في إفريقيا عامة ، لكن طموحهم في التوسع عبر القارة أدى إلى تطور في أسلوب المحتوى والنوع وكذا وسيلة التوزيع. وعملت الثورة الرقمية كمحفز في نمو صناعة السينما في القارة وجعلت إنتاج الأفلام أكثر سهولة. إذ أصبحت المعدات والتكنولوجيا السينمائية الآن في متناول الجميع ، و كذا الشأن بالنسبة لقنوات توزيع المحتوى الجديدة ، التي تفكك نماذج التمويل التقليدية وتسمح للمنتجين بتوزيع محتواهم مباشرة إلى المستهلكين.
على الرغم من أن كلاهما ضروري للتوزيع والاستثمار والدعاية ، تختلف أسواق الأفلام عن المهرجانات ويمكن أن تلعب هذه الأخيرة دورًا مهمًا في النجاح الشامل للمشروع. تعتبر أسواق الأفلام مدفوعة بالصناعة وتعمل في المقام الأول على زيادة فرص الدعم المالي وشراكات التوزيع. في المقابل ، فإن مهرجانات الأفلام مفتوحة للجمهور وتوفر للفنانين الفرصة ليس فقط لمراقبة رد فعل الجمهور على أعمالهم ، ولكن أيضًا للاحتفال بها علنًا.
و لقد أظهرت صناعة السينما الأفريقية مستوى جديدًا من الإمكانيات ، ولكن للحفاظ على هذا النمو ، تحتاج الحكومات الأفريقية إلى تنفيذ سياسات هيكلية لإضفاء الطابع الرسمي على القطاع. فحاليًا ، 55٪ فقط من البلدان الأفريقية لديها سياسة وطنية خاصة بالأفلام ، بينما أقل من 45٪ لديها لجنة أفلام. ويُعد مهرجان السينما والتلفزيون الأفريقي في واغادوغو (FESPACO) ، في بوركينا فاسو ، مثالاً على الاستقلال الذاتي الذي يمكن أن يجلبه هذا النوع من الدعم. يقام FESPACO منذ أكثر من 50 عامًا ، بغض النظر عن التغييرات السياسية ، وينظم كل سنتين بتمويل جزئي من الدولة لتشجيع نشر القصص الأفريقية من خلال أصوات و عدسات أفريقية. نظرًا لكونه أحد أكثر المهرجانات السينمائية شهرة في إفريقيا ، فإنه يلعب دورًا رئيسيًا في الاقتصاد والقطاع الثقافي في بوركينا فاسو.
"إنها مدينة الإبداع ، مدينة الثقافة وعاصمة السينما الأفريقية"-عمدة واغادوغو، أرماند بيويندي، 2021.
يتم إنتاج غالبية الأفلام التي يحتفل بها المهرجان في إفريقيا وعلى أياد إفريقية ، ويجتذب الزوار الشغوفين من جميع أنحاء العالم، كما يمارس المهرجان تأثيرا ثقافيا على المسرح العالمي.
وقد ركز FESPACO الأخير ، الذي أقيم في أكتوبر 2021 ، على موضوع "السينما الإفريقية و سينما الدياسبورا: آفاق وتحديات جديدة". وتم اختيار 239 فيلما من 50 دولة.كما فاز المخرج الصومالي خضر أحمد بالجائزة الأولى عن فيلمه "زوجة حفار القبور" الذي ألفه وأخرجه بنفسه.
وفي نيجيريا ، أنشأت Chioma Ude مهرجان الفيلم الأفريقي الدولي (AFRIFF) في عام 2010 لمساعدة صناع الأفلام الأفارقة على تقديم أنفسهم بشكل استراتيجي لتوزيع عناوينهم على منصات البث الدولية والمنافسة بشكل إيجابي في السوق الدولية. وفي نسخته العاشرة ، حصلت مجموعة أمازون العالمية على عدد من الأفلام من كتالوج المهرجان.
في لوس أنجلوس ، كاليفورنيا ، تجتمع مجتمعات الأفلام والفنون الإفريقية في مهرجان إفريقيا للسينما والفنون (PAFF). تأسس هذا الحدث التاريخي في عام 1992 ، ويُعرف بأنه أكبر مهرجان للأفلام و الفنون السوداء كما يعد مظ هرا من مظاهر شهر تاريخ السود في أمريكا. يجذب هذا الحدث صناع الأفلام والفنانين والحرفيين الفريدين من أكثر من 40 دولة و من ست قارات كل عام ، بهدف عرض أعمالهم ومواهبهم الاستثنائية. كما يستضيف مهرجان كان السينمائي المشهور عالميًا ، حدثًا أفريقيًا يعرف باسم مهرجان كان السينمائي الدولي الإفريقي ومهرجان الفيلم الأفريقي (TAFF).
شهد العقد الماضي زيادة ملحوظة في حجم الإنتاج السينمائي والسمعي البصري في أفريقيا ، ولكن على الرغم من الإمكانات الاقتصادية ، لا تزال هذه القطاعات غير مستغلة إلى حد كبير. إذ تقدر هذه القطاعات بإيرادات تبلغ 5 مليارات دولار أمريكي وتوظف خمسة ملايين شخص. إذا تبنى المزيد من الحكومات الأفريقية سياسات تقدمية لدعم وتطوير نمو هذه الصناعة ، فسوف تزداد المداخيل وفرص الشغل بشكل خيالي. بالإضافة إلى ذلك ، تتمتع صناعة السينما بعلاقات تابعة ومتداخلة مع القطاعات الرئيسية الأخرى ، مثل السياحة والضيافة والتكنولوجيا والقانون والصناعات الإبداعية الأخرى. عندما تزدهر صناعة السينما ، تستفيد كل هذه القطاعات من فرص الإيرادات الجديدة. ويسمح تنظيم المهرجانات السينمائية بجذب شركاء دوليين إلى أراضي الدول الإفريقية وتعزيز نفوذها الثقافي. وبالنسبة لأفلام السكان الأصليين ، على سبيل المثال، فهي تحافظ على التقاليد والثقافة في عالمنا الحديث ويتم الاحتفال بها وترسيخها بشكل استثنائي ، ووحدها السينما هي القادرة على ذلك.
تشجع هذه الإنجازات صناع الأفلام الأصليين الآخرين على مشاركة قصصهم الفريدة ، والتي يمكن أن تقطع شوطًا طويلاً في إعادة تحديد وجهات نظر الجماهير حول القارة السمراء .